في كثير من الأحيان، نسمع عن عائلات تؤجل علاج الإدمان لأحد أفرادها بسبب ضغوطات الحياة اليومية. قد تكون الأسباب مختلفة: من الدراسة أو العمل، إلى التزامات مالية وضغوطات مثل الديون. ومع ذلك، إذا كنت واحدًا من هؤلاء الأشخاص الذين يفكرون في تأجيل العلاج، دعني أشاركك حقيقة مهمة: تأجيل العلاج ليس الحل. بل على العكس، هو قد يؤدي إلى تفاقم المشكلة وجعل التعافي أكثر تعقيدًا. الإدمان ليس مجرد مشكلة بسيطة تُحل مع مرور الوقت؛ هو مرض يتطلب تدخلًا سريعًا وفوريًا. وكل يوم يمر دون علاج، يمكن أن يزيد من المخاطر الصحية والنفسية، ويعرّض حياة المدمن لخطر أكبر.
عواقب تأجيل العلاج من الإدمان
١. تفاقم الحالة الصحية والنفسية
كلما تأخرنا في اتخاذ خطوة للعلاج، كلما ازداد الوضع تعقيدًا. الإدمان لا يقف في مكانه، بل يتطور يومًا بعد يوم. تأثيرات المخدرات أو الكحول على الجسد تزداد بمرور الوقت، وتتسبب في أضرار خطيرة على الصحة، مثل مشاكل في الكبد، والقلب، والرئتين. والأمر لا يتوقف عند هذا الحد؛ بل يؤدي الإدمان إلى تدهور الحالة النفسية أيضًا المدمن قد يبدأ بالشعور بمشاعر مثل العزلة، والاكتئاب، وفقدان الأمل، وهذا يُصعّب من رحلة التعافي لاحقًا. .
٢. زيادة الضغط النفسي
كلما تم تأجيل العلاج، زادت الضغوط النفسية على المدمن وعلى أسرته. الخوف من مواجهة المشكلة أو الهروب منها يزيد من حدة القلق والتوتر. المدمن يشعر بالذنب والخوف من المستقبل، والعائلة تعاني من التوتر والخوف على صحة ابنها أو ابنتها. هذه الضغوط قد تدفع المدمن إلى الانغماس أكثر في الإدمان كوسيلة للهروب من الواقع، مما يزيد من صعوبة التعافي لاحقًا.
٣. التأثير على الحياة اليومية
تأجيل العلاج لا يؤثر فقط على الصحة، بل يتجاوز ذلك إلى التأثير السلبي على حياة المدمن اليومية. إذا كان المدمن طالبًا: الأداء الدراسي يتدهور بسرعة، التركيز يقل، والنتائج تنخفض، وفي النهاية قد يصل الأمر إلى الفشل الدراسي أو الطرد من المدرسة أو الجامعة. أما إذا كان المدمن يعمل: فإن الأداء في العمل يتراجع بشكل كبير؛ الغيابات المتكررة، الأخطاء في العمل، وقلة الإنتاجية كلها أمور قد تؤدي إلى فقدان الوظيفة.
٤. تدهور العلاقات الاجتماعية
الإدمان يؤثر بشكل كبير على العلاقات الاجتماعية. المدمن قد يفقد الثقة والدعم من أصدقائه وعائلته بسبب سلوكياته غير المسؤولة. تأجيل العلاج يزيد من الفجوة بين المدمن ومن حوله، وقد يؤدي إلى فقدان شبكة الدعم الاجتماعي التي يمكن أن تلعب دورًا كبيرًا في مساعدة المدمن على التعافي. بدون العلاج، قد يصبح المدمن معزولًا تمامًا عن المجتمع، وهذا يزيد من مشاعر اليأس والاكتئاب.
٥. خطر الانتكاس
تأجيل العلاج يجعل المدمن عرضة لخطر الانتكاس. حتى لو حاول التعافي بمفرده أو توقف عن تعاطي المخدرات لفترة، فإن عدم تلقي العلاج المهني المناسب يزيد من احتمالية العودة إلى الإدمان. الانتكاس يكون أصعب في هذه الحالة، حيث يكون المدمن قد فقد الأمل في التعافي وأصبح أكثر عرضة للتعرض لمشاكل أكبر.
لماذا يؤجل الناس العلاج؟
١. الدراسة
الكثير من العائلات تؤجل العلاج بسبب الدراسة، خوفًا من تأثير فترة العلاج على التحصيل الدراسي أو فقدان سنة دراسية. الإدمان في حد ذاته يؤثر بشكل سلبي على الدراسة. المدمن يجد صعوبة في التركيز، ونتائجه تتدهور بسرعة، وفي النهاية قد يخسر الفرص الدراسية بالكامل. استراحة مؤقتة من الدراسة للعلاج أفضل بكثير من فقدان الفرصة الدراسية تمامًا بسبب الإدمان.
٢. العمل
البعض الآخر يؤجل العلاج خوفًا من فقدان الوظيفة أو التراجع المهني. الأداء المتدهور بسبب الإدمان يزيد من خطر فقدان الوظيفة. من الأفضل أن يأخذ المدمن استراحة علاجية قصيرة ويعود إلى العمل بطاقة جديدة وأداء أفضل، بدلاً من المخاطرة بفقدان وظيفته بسبب الإدمان.
٣. الديون
الديون المالية تعتبر سببًا شائعًا آخر لتأجيل العلاج. الكثير من الناس يشعرون أنهم لا يستطيعون تحمل تكلفة العلاج أو يخشون من تفاقم ديونهم خلال فترة العلاج. لكن هناك قوانين وبرامج تتيح تأجيل سداد الديون أو إعادة جدولتها أثناء العلاج.
ما هو الحل؟
الحل الأمثل هو عدم تأجيل العلاج، مهما كانت الأسباب. صحيح أن الحياة مليئة بالتحديات، ولكن الصحة يجب أن تكون دائمًا في المقام الأول.
إذا كانت المشكلة تتعلق بالدراسة:
التحدث مع المدرسة أو الجامعة وطلب استراحة مؤقتة.
إذا كانت المشكلة تتعلق بالعمل:
التحدث مع المدير أو قسم الموارد البشرية وطلب إجازة طبية للعلاج.
إذا كانت المشكلة تتعلق بالديون:
البحث عن برامج وحلول قانونية لتأجيل سداد الديون أو إعادة جدولتها.
الخاتمة
تأجيل علاج الإدمان ليس الخيار الصحيح. بل على العكس، كلما تم التدخل بشكل مبكر، كلما كانت فرص النجاح في العلاج أكبر. إذا كنت تواجه أو تعرف شخصًا يعاني من الإدمان، فلا تنتظر حتى تتفاقم الأمور. البحث عن الدعم الفوري هو الخطوة الأولى نحو التعافي.
